رحلةُ البحثِ عن السعادة

 


رحلةُ البحثِ عن السعادة


عادةً ما تكون الرحلةُ مقرونةً بجهةٍ يُرادُ الوصولُ إليها، و لكن ماذا إذا كانت هذه الجهةُ أصلاً غامضة؟ أين نحن بذاهبين؟ 

أين نبحثُ عن السعادة؟

أو لِنُعدْ صياغةَ السؤالِ قليلاً، ما الذي نبحث عنه بالتحديد؟ ما هي صفاتُ هذهِ "السعادة"؟ و كيف نبحث أصلاً عمّا لا نَعرِفُه؟


السعادة نسبيّة


كباقي الأشياءِ المُجرَّدة، من الممكن أنْ نقول أنَّ السعادةَ شعورٌ نسبي. بدأها أينشتاين من قبل في السرعة و من الممكنِ أنْ نُكمِلَ نَحنُ أيضاً على نفسِ النمط، و لكن هذهِ الإجابة ليست مرضية؛ لا لك و لا لأفكارِ منتصفِ الليل.

لذا فلنحزم حقائِبَنا و نستعد لنخوضَ مُغامرةَ البحثِ عن السعادة

ولكن احذرْ! إنّها رحلةٌ بتذكرةِ ذهابٍ فقط دونَ عودة، فكلُ من ذهبَ على مَتنِ هذه الرحلة من قبل ضاع في سرابِ السعادة ولم يعد أبداً، لذا وجب التنويه.


أهلاً بك في مدينةِ الحب



أولُ محطةٍ سيتوقفُ فيها القطار المُتَّجهُ إلى السعادةِ هي مدينةُ الحب.

ومدينةُ الحبِ سياحيّة، سَتأسِرُك بمَفاتِنها ولنْ يَسهُلَ عليكَ فُراقُها، فطَقسُها مُعتدلٌ وشَواطِئها جميلة، و ستقضي عُطلَتك تَكتشِفُ حواريها وسَيزدادُ تَعلقك بها.

ستجد فيها الغايةَ من الحياةِ والأجوبةَ علـى كل الأسئلةِ الوجودية، و ستستبدلُ أرق مُنتصفِ الليل بخيالاتٍ حميمية دافئةٍ على القلب ومريحةٍ للأعصاب.

ولكن كحالِ كلِّ المُدنِ السياحية؛ فهيَّ جميلةٌ فقط في الزياراتِ العرضية، على عكس ما تُوهِمنا به هوليوود بمُنتَجاتِها المَرئية، فا في النهاية لكل فيلمٍ نهاية.

 وإذا أطلتَ البقاء فسَتبدأُ باكتشافِ بعض الجوانبِ السيّئة في هذه المدينة.

خروجاً عن السياق، هل تساءلتَ يوماً ما هو أفضلُ شيءٍ في قطار الملاهي؟


نعم، أنه يَستمرُ فقط لمدةِ دقيقةٍ واحدة.

بالطبع لن يُفضّلَ أحدٌ أنْ يعيشَ في سلسلةٍ متكررةٍ من التقلباتِ والصعودِ والهبوطِ المفاجئيْن، أليسَ كذلك؟

لذا فلنستمتع بهذه الدقيقة، ولنمضِ قُدمّاً في رِحلَتِنا.


النجاحُ غلافُ السعادة




من باريس إلى وولستريت-نيويورك.

هناك اعتقادٌ سائدٌ أنَّ النجاحَ يُؤدي إلى السعادة. وقد نَما أغلبُنا على هذا الاعتقاد؛ ابتداءًا من المدرسةِ، مرورًا بالجامعة، وانتهاءًا بالعمل.

لدرجةِ أنَّ العديدَ منّا يَعتقِدُ أنَّه يَتعيَّنُ عَليهِ التضحية بسعادته الآن، ليكونَ ناجِحًا ويُصبحَ أكثرَ سعادةً فيما بعد.

وفي واقع الأمر أنَّه يُمكنُ أنْ تَجلِبَ لنا إنجازاتُنا بعضَ السعادةِ والإحساسِ بالرضا اللحظيْ عن حياتنا، ولكن بِمجردِ الوصولِ إلى الهدفِ، سُرعانَ ما نَبدأُ في البحثِ عن الهدفِ التالي، ومِنهُ يُصبحُ النجاحُ عبءً لا وسيلةً للسعادة.


السعادةُ كواقعٍ اجتماعيّ


تدورُ نظريةُ البناءِ الاجتماعيّ حول أنَّ الأشياءَ تَستمدُ قيمتَها بناءً على الاِتفاقاتِ الضِمنيَّةِ فيما بيننا بقيمَتِها، تماماً كما هُوَ الحالُ مع المال، نَحنُ من أَعيطنا المالَ قيمةً ماديةً مُعينة وتعاملنا معه على هذا الأساس. وبِنفسِ الكَيْفيَّةِ أصبَحت السعادة مَقرونةً بشكلٍ تلقائيٍّ بأنماطٍ معينة؛ كالحبِ أوْ النجاح. وهنا تُصبِحُ أَسيرَ هَذهِ السعادة، فقد عَلِقتَ في مَتاهتِها وكُلَّما حاولتَ الوصولَ لِنهايتِها، كلما عَلِقتَ بها أكثر. فقد تمَّ بَرمَجةُ ذِهنِكَ على أنْ يَبحثَ دائِماً وبشكلٍ تلقائيٍ عن السعادة.


السعادةُ ببساطة تَكمُن فيما تراهُ أنتَ مُثيراً لها.


وإدراكُك لهذهِ الحقيقة كفيلٌ بإخراجِكَ من متاهاتها. فهي لا تأتي في أشكالٍ أو أوقاتٍ مُعينة، ولكنها تَأخذُ الحيِّزَ الذي تُعطيه أنتَ لها.

فمِنَ المُمكِن أنْ تَجدَها في شُعاعٍ من الشمسِ ساقطٌ عليك في يومٍ شديدِ البرودة، أو في كوبٍ من القهوةِ بَعدَ يومٍ شاقٍ من السعي.

السعادةُ حاضرةٌ دائمًا، فقط هَيِّئْ لها مساحةً في ذِهنك.



Comments

Post a Comment